الثلاثاء، 5 فبراير 2013

مقتطف من طفولتي ... (يتبع)


قبل أن أدخل في صميم الحكاية سأقوم باسترجاع أوضاع الحياة قبل بلوغي  سن السابعة، ما أتذكره جيدا من ماضي طفولتي كان من السنة الرابعة فما فوق .. منذ السنة الرابعة من عمري،  كنت أنا وعائلتي نسكن في حي قديم قرب مركز تنغير يدعى "أيت الحاج علي" هناك أمضيت أغلب وأروع أيام الطفولة ..
كانت الحياة هناك  بدائية نوعا ما وجميلة  وما يميزها أنها طبيعية، وعقليتي مفطورة  لا تشوبها شائبة، إنها الطفولة البريئة كما يحلوا لي أن أسميها، أكل وشراب طبيعي، لبن وتمر وماء من بئر القبيلة. كانت حياة الأطفال في عمري بين الوادي والحقول الخضراء، نلعب ونمرح ونلهو ونستمتع بالحياة.
في السادسة من  عمري أنتقلنا من "أيت الحاج علي"  إلى مكان يسميه سكان أيت الحاج علي بــ"أمردول"، إلا أنه في الحقيقة "حي المصلى" الذي يختلف عن المكان السابق بكثير، وعند مغادرتنا "أيت الحاج  علي" تغير كل شيء (الأصدقاء، المنازل، الأزقة ...)، مضت سنة على استقرارنا في الحي الجديد حيث انشأت علاقات جديدة مع أبناء الجيران، كانت علاقات مميزة جدا.
في السنة السابعة من عمري تم تسجيلي  في مدرسة المضايق بمركز تنغير،  حيث التحقت بالقسم الأول الابتدائي، الحسين أصبح تلميذا بالمدرسة يا للعجب !!
من هنا نقترب من الحدث الكبير والشيق  جدا .. إني أتذكر جيدا عندما اقتنى لنا (أقصد أنا وأخي التوأم حيث كنا في نفس  القسم ونجلس في طاولة واحدة) والدنا ـ حفظه الله ـ نسخة واحدة من الكتب المدرسية المقررة في السنة الأولى قصد أن نشتركها أنا وأخي التوأم،  في الليلة الأولى بدأت أتصفح كتاب القراءة لعلكم تتذكرونها صفحة صفحة، رسما  رسما، صورة صورة.
تلك الليلة ما آثار  حافظتي هو صورة في كتاب القراءة مصور فيها شخص وهو مستلق على سرير داخل مستشفى، الغريب في الأمر أنني في ذلك السن لم أدرك ما تعنيه تلك الصورة وما سياق وجودها أبدا، وكلما أفتح هذا الكتاب إلا ونظرت لتلك الصورة وذلك زرع  في نفسيا شيئا من حب الاكتشاف.
منذ ذلك الحين بدأت أبحث عن أشياء تشبه تلك الأدوات المتوفرة في تلك الصورة لعلي أجد لنفسي لأطبق ما في الصورة من مشهد، مرت الآيام والأسابيع والشهور حتى اقتربت عطلة الربيع، قبل ذلك كنت أتذوق الغاز  من بعض قنينات المطبخ حيث احسست بشعور غريب على مستوى جسدي بأكمله، مرة بعد أخرى حتى وجدت نفسي مدمنا على   تجرع الغاز، إنه الإدمان !!
في بلادنا حياتنا الدراسية ما هي إلا عطلة مفتوحة تتخللها أسابيع دراسية فقط، شرف الموسم الدراسي على النهاية ولم أعرف حتى معنى الصورة !! في يوم من أيام الربيع المزهر  وقعت من بالي فكرة وهي تطبيق ما رأيته في صورة "القراءة"، فتحريت حتى وجدت الوقت المناسب لذلك، حيث انصرف أبي إلى العمل، وأمي عند الجيران، وأخي  الكبير خارج البيت، ولم يبق إلا أنا وأخي التوأم في البيت إلا أن التخلص منه كان سهلا حيث  قمت  بطرده خارجا ثم أقفلت الباب، بعدما أن حرصت على أن أكون لوحدي  في البيت، قمت بجمع كل الأفرشة وتوجهت بها إلى المطبخ حيث  قنينة الغاز  وصنعت لنفسي شبه سرير  بتلك الأفرشة ثم  أقفلت باب المطبخ على نفسي ...
يتبع ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق