الثلاثاء، 5 فبراير 2013

مقتطف من طفولتي .. (تتمة)


... ثم استلقيت على ذلك السرير  الذي صنعته لنفسي، وجعلت غطاء على بدني حتى الصدر، فأخدت ذلك الأنبوب المتصل بقنينة الغاز، ووضعته في فمي فبدأت أتجرع الغاز.
لم تمض دقائق قليلة حتى أصبحت أحس بدوران يصاحبه شعور جميل، بعد خمسة عشرة دقيقة فقدت وعيي الكامل  ولا أدري إن بقيت حيا أو ميتا.
قالت أمي: لقد وجدناك ميتا، لكن لا نعرف كيف نجوت بأعجوبة ؟ !!
لقد عانى والدي الأمرين من أجلي ومن أجل إخوتي، لقد كان هذا الحدث صدمة بالنسبة لهما، ولعلي سأدرك هذه الصدمة عندما سأكون والدا إن شاء الله، لأن هول هذه الصدمة لن يدركه إلا من هو مثلهما.
تحكي   أمي  لي تفاصيل ما بعد الحدث، وتقول:  لقد أتيت إلى البيت فوجدت الباب موصدا، وكان من الضروري أن أدخل بأي طريقة، بسبب أني تركتك أنت وإبراهيم في البيت وأخاف عليكما كثيرا، في نفس الوقت تأخرت على إعداد وجبة الغذاء.
واسترسلت ...بحثت عنكما خارج البيت ولم أجدكما،  فذهب إلى بعض فتيان الجيران لعلهم يقفزون على الحائط ليفتحوا الباب من الداخل، لكن دون جدوى  ..  لا  يستطيعون. فجن جنوني ودفعت الباب بقوة وجعلته مفتوحا  بقوة قادر، بحثت في الغرف لم أجدكما، ثم ذهبت إلى المطبخ  فوجدته موصدا كذلك ورائحة الغاز  تخرج من بعض ثقب الباب، فحاولت أن أنظر في أحد الثقب، فإذا بي أراك جثة هامدة على السرير الذي صنعته أيها المجنون !!
قالت: لا حول لي ولا قوة .. فبدأت بالصراخ .. أنقذوني .. أنقذوا ابني ـــ مسكينة أمي سامحني الله ــــــ  واجتمع القوم فكسروا باب المطبخ، وظن الناس أن أمري قد انتهى، حتى أنهم فكروا في غسلي ودفني تحت التراب ظنا منهم أني ميت وسلموا  أمرهم للواقع، لقدكان الوعي سببا في نجاتك بعد الله يا بني، سبحانك ما أعظم شأنك !!
لقد قال بعض أبناء  الجيران لابد لكم أن  تذهبوا به إلا  المستشفى، لتتأكدوا من وفاته، فعلا  أخذنا بقولهم وبحثنا عن أي وسيلة لنقلك، فوجدنا "عمي زايد" صاحب شاحنة BEDFORD  المتخصصة في نقل الرمل، فنقلوني بها إلى المستشفى .. بعد أول لحظة التي وضع فيها الطبيب السماعة على صدرك اكتشف أنك ما تزال حيا، وحمدنا الله وشكرناه على ذلك.
بعد إثنا عشر ساعة من العلاج واستخراج كميات الغاز التي تجرعتها، أحسست بحقنة تم خرزها في  جانبي الأيمن، بعدخمسة دقائق أول ما طلبت ممن حولي هو الماء، لأسد به رمق فم أصبح كقرية لم ينزل عليها الغيث قط. فشربت الماء وأنا مغمض العينين، زدت ما يقارب عشرة دقائق مستلقيا، ثم فتحت عيناي إذ هما تريان جدرانا خضراء وأفرشة بيضاء وممرضين ببزات بيضاء، وقبعات خضر، وأنا لا أعرف ماذا يعني ذلك، أول ما لفظت به قلت لهم  هل هذا منزلنا الجديد؟ !!
فاستغرب أحدهم ساخرا..  نعم إنه البيت الذي بناه أبوك.
وانتهت القصة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق